الرئيسية > أخبار العالم  >  الصين وتايوان: هل يت...

الصين وتايوان: هل يتخلى جو بايدن عن سياسة "الغموض الاستراتيجي" التي تتبناها واشنطن؟

التاريخ: 2022-05-27 11:52:23
الصين وتايوان: هل يتخلى جو بايدن عن سياسة "الغموض الاستراتيجي" التي تتبناها واشنطن؟

وسط تصاعد حدة التوترات بين الصين وتايوان، بدت التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر صحفي في اليابان الاثنين حول استعداد بلاده للتدخل العسكري لحماية تايوان في حال تعرضها للهجوم من قبل الصين مناقضة للسياسية التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ عقود.

رغم أن البيت الأبيض وبايدن نفسه أكدا فيما بعد أنه ليس هناك تغيير في السياسة الأمريكية تجاه تايوان، إلا أن التعليق الذي جاء على لسان بايدن في معرض رده على سؤال صحفي، شكل المرة الثانية خلال الأشهر الأخيرة التي يقول فيها الرئيس الأمريكي إن بلاده سوف تدافع عن تايوان إذا تعرضت للهجوم، ما أثار علامات استفهام حول ما إذا كانت واشنطن تعتزم الحياد عن سياستها المعروفة باسم "الغموض الاستراتيجي" في هذا الشأن. فماذا تعني هذا السياسة؟ ولماذا يعتبرها البعض النهج الأمثل في التعاطي مع العلاقات بين واشنطن وتايبيه من جهة، وواشنطن وبكين من جهة أخرى؟ وهل حان الوقت لاستبدالها ب"وضوح استراتيجي"؟


يستخدم مصطلح الغموض الاستراتيجي لوصف تعمد حكومة ما عدم الوضوح أو الضبابية في بعض جوانب سياستها الخارجية.وقد يكون هذا النهج مفيدا إذا ما كان لحكومة البلاد أهداف خارجية أو داخلية متناقضة، أو عندما ترغب في انتهاج سياسة ردع، في حين تتفادى وقوع مواجهات في الوقت ذاته.


وقد استخدم المؤرخون المصطلح عند دراستهم الخطابات العامة التي أدلى بها الرئيس الأمريكي السابق دوايت أيزينهاور خلال فترة حكمه التي استمرت ثماني سنوات، ولا سيما تلك التي كانت تتحدث عن العلاقة بين الولايات المتحدة وتايوان، وكذلك استعداده لاستخدام أسلحة نووية ضد كوريا وفيتنام.

وكان لغموض أيزينهاور المتعمد ورغبته في إلقاء الشك في عقول أعدائه وقع كبير، نظرا لسمعته كقائد عسكري لا يخشى المجازفة.

 ويرى مؤرخون أن قادة الدول المعادية لأمريكا في ذلك الوقت وجدوا أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه لأنهم كانوا غير متأكدين مما قد يفعله الرئيس الأمريكي، وفي الوقت ذاته يدركون أن باستطاعته فعل أي شيء.وقد استخدم الرئيس رونالد ريغان هو الآخر سلاح الشك.

 

يرى مؤرخون أن خطاباته النارية خلال الحرب الباردة، ووصفه الاتحاد السوفيتي بأنه "إمبراطورية الشر"، وإصراره على عدم التخلي عن مبادرة الدفاع الاستراتيجية المعروفة ب"حرب النجوم"، رغم انخراطه في مفاوضات حول نزع التسلح، جعلت القادة السوفييت يعتقدون أنه مستعد لخوض حرب نووية ضدهم.

 

ويعتبر مراقبون أنه يمكن وصف موقف الولايات المتحدة إزاء ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 بالغموض الاستراتيجي تجاه أوكرانيا. فقد رفضت إدارة الرئيس أوباما الدفاع عن البلاد ضد روسيا، ولكن في الوقت ذاته، فرضت واشنطن والاتحاد الأوروبي عقوبات على موسكو ما زالت مستمرة إلى الآن.

لكي نتفهم جيدا سبب انتهاج واشنطن سياسة الغموض الاستراتيجي تجاه تايوان، ينبغي أولا التعرف على جذور التوتر بين تايوان والصين. في عام 1949، أدت الحرب الأهلية إلى تقسيم الصين. انسحبت ما كانت تعرف بحكومة جمهورية الصين (التي كانت تدعمها واشنطن) إلى تايوان وعدة جزر أخرى أصغر، في حين هيمنت قوات الزعيم الشيوعي ماو تسيتونغ على بر الصين. 

 

في أعقاب اندلاع الحرب الكورية، تدفقت المساعدات الأمريكية على تايوان، وأبرم الجانبان معاهدة دفاع مشترك. لكن الولايات المتحدة أصرت على أن أي هجوم تشنه تايوان على بر الصين يجب أن يتم بموافقة من واشنطن، إذ لم يكن الرئيس أيزينهاور يرغب على ما يبدو في التورط في حرب أهلية أخرى. وعمدت إدارة أيزينهاور إلى جعل صياغة المعاهدة غير واضحة بحيث لا تلزم الولايات المتحدة بحماية تلك الجزر.

 

 ويرى كثير من المختصين أن المعاهدة نجحت في الحيلولة دون اندلاع حرب في منطقة مضيق تايوان. ولكن الولايات المتحدة قررت عام 1979 إلغاءها، إذ كان ذلك شرطا مسبقا لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع بكين. ليحل محلها بما يعرف بـ"قانون العلاقات مع تايوان" الذي مرره الكونغرس في العام نفسه ووقع عليه الرئيس جيمي كارتر. 

ينص القانون على مواصلة العلاقات الاقتصادية والثقافية، وكذلك العلاقات السياسية غير الرسمية مع تايوان، وتزويد واشنطن الإقليم بالوسائل اللازمة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال الدفاعي، على أن يحد الرئيس والكونغرس نوعية تلك الوسائل والطريقة التي تستجيب بها الولايات المتحدة لأي تهديد يتعرض له الإقليم. كما ينص على أن إقامة واشنطن علاقات مع جمهورية الصين الشعبية يعتمد على تفاهم متبادل مفاده أن مستقبل تايوان (انضمامها إلى الصين من عدمه) سيتم تقريره بالطرق السلمية. 

 

إضافة إلى هذا تبنت الولايات المتحدة ما يسمى "سياسة الصين الواحدة"، وهي الاعتراف الدبلوماسي بموقف الصين المتمثل في أن هناك حكومة صينية واحدة. بموجب هذه السياسة، تعترف الولايات المتحدة بالصين وتربطها بها علاقات رسمية، في حين أنها لا تعترف بجزيرة تايوان ككيان ذي سيادة. ويجب التفريق هنا بين "سياسة الصين الواحدة" و"مبدأ الصين الواحدة" الذي يشير إلى اعتبار بكين تايوان جزءا لا يتجزء من الصين ينبغي أن يعود إليها من جديد في يوم من الأيام. 

 

 

وقد هدد الحزب الشيوعي الحاكم في الماضي باستخدام القوة ضد تايوان إذا ما أعلنت استقلالها رسميا، ولكنه تبنى موقفا دبلوماسيا أكثر لينا في الأعوام الأخيرة. الغموض الاستراتيجي بين المعارضة والتأييد معارضو الغموض الاستراتيجي يخشون من أن السياسة عفا عليها الزمن ولم يعد باستطاعتها ردع الصين، في ضوء تعاظم قدراتها العسكرية وما يبدو من تغلبها على ضعفها التاريخي مقابل الولايات المتحدة وتايوان. فالإنفاق العسكري الصيني ازداد بمعدل سبعة أضعاف خلال العشرين عاما الماضية 

وفق بعض الخبراء. وتعتبر الصين الآن الدولة الأقوى اقتصاديا وسياسيا وعسكريا في منطقة المحيطين الهندي والهادىء. تعرف على القدرات العسكرية للصين من هؤلاء المعارضين رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي الذي كتب الشهر الماضي أن هذه السياسة تعزز عدم الاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادىء من خلال جعل الصين تستهين بجدية رغبة الولايات المتحدة في التدخل العسكري، وجعل تايوان تشعر بالقلق في الوقت ذاته.

 

 ويضيف آبي أن المجتمع الدولي أذعن في النهاية لضم روسيا شبه جزيرة القرم، "رغم اعتداء روسيا على أراضي دولة ذات سيادة هي أوكرانيا". ويمضي في القول بأنه بالنظر لأن غالبية دول العالم لا تعترف بتايوان كدولة ذات سيادة، فإنه لن يكون مستغربا أن يعول الزعماء الصينيون على أن يكون العالم أكثر تهاونا إذا ما قاموا بضم أراض يعتبرونها جزءا من بلادهم. 

 

أما مؤيدو السياسة فيرون أنها نجحت في الحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة مضيق تايوان على مدى أكثر من 40 عاما. وقد جعل هذا القانون كل الخيارات متاحة أمام واشنطن، فهي تستطيع المساعدة في الدفاع عن تايوان إذا ما أرادت، ولكن مساعدتها ليست مؤكدة أو مضمونة. 

 

يقول البروفيسور ستيف غولدستين مدير ورشة الدراسات التايوانية بمركز فيربانك للسياسات الصينية بجامعة هارفارد إن هذه السياسة "تخلق نوعا من الرادع المزدوج، فكلا الطرفين يحجم عن تعريض الوضع الراهن للخطر من خلال التدخل المحتمل للولايات المتحدة، في حين يشعر بالاطمئنان إلى أن الطرف الآخر لن يحاول تغيير الوضع الراهن من جانب واحد. ومن ثم، فإن تايوان تحجم عن قلب الأوضاع لأنها تعلم أنها ستتلقى الدعم في حال تعرضها لهجوم غير مبرر من بر الصين، كما تحجم الصين عن تغيير الوضع الراهن خشية تدخل محتمل من قبل الولايات المتحدة".


انضم لمجموعتنا على الفيسبوك
هولندا اليوم - الموقع الرسمي


الخبر كما من المصدر










الليرة السورية لحظة بلحظة

آخر تحديث: 2024-07-27 02:26:42

حالة الطقس

نحن نستخدم ملفات كوكيز

هذا الموقع يستخدم ملفات الارتباط الكوكيز من أجل تحسين المزايا والخدمات المقدمة للمستخدم

يمكنك دائماً تغيير اعدادات الكوكيز على هذا الموقع عبر الذهاب الى صفحة سياسات ملفات Cookies