خلال أقل من ستة أشهر، منعت السلطات اليونانية حوالي 40 ألف مهاجر من دخول البلاد عبر منطقة إيفروس الحدودية التي تشكل الحدود البرية الوحيدة بين اليونان وتركيا. في الوقت نفسه يستمر اعتراض قوارب المهاجرين المتجهة إلى جزر بحر إيجه، وتشدد السلطات على منع محاولات عبور المهاجرين في ظل توتر العلاقات بين البلدين. إلا أن المهاجرين الذين يحاولون عبور نهر إيفروس باتوا يتعرضون للممارسات نفسها في تلك المنطقة، إذ انتشرت تقارير عدة توثق قيام حرس الحدود اليوناني بصد المهاجرين والتعامل معهم بعنف وإعادتهم إلى الضفة التركية، أو تركهم على جزر صغيرة داخل النهر دون أي مساعدة أو دعم، علما أن السلطات تمنع اقتراب المنظمات ووسائل الإعلام من دخول منطقة إيفروس الحدودية مع تركيا وتصنفها "عسكرية". ومن أجل كبح محاولات الهجرة عبر إيفروس، قررت الحكومة اليونانية في 1 أيار/مايو الجاري زيادة عدد عناصر الحرس بحوالي 250 شخصا، لا سيما في محيط مدينة ألكسندروبولي. وقال وزير الهجرة نوتيس ميتاراكيس إن السياج الحدودي الحالي البالغ طوله 35 كيلومترا سيتم تمديده لـ80 كيلومترا إضافيا، وذلك في محاولة لتعزيز المراقبة على النقاط التي يعبر منها المهاجرون سيرا على الأقدام بعد عبور النهر. خلال العام 2021 ولأول مرة، كان عدد الوافدين إلى اليونان عبر هذه الحدود البرية يفوق عدد أولئك الذين يصلون إلى الجزر اليونانية عبر البحر، بحسب أرقام مفوضية اللاجئين. إذ دخل اليونان حوالي 4,800 شخص عبر منطقة إيفروس، بنسبة 53% من إجمالي عدد الوافدين. وبين بداية العام وأيار/مايو الجاري، نجح حوالي ألف مهاجر بدخول الأراضي اليونانية عبر الحدود البرية.
في الوقت الذي تتضاعف فيه محاولات العبور من تركيا إلى اليونان عبر نهر إيفروس، تسعى الأخيرة إلى تشديد السيطرة على هذه المنطقة الحدودية من أجل منع المهاجرين من دخول البلاد، إذ أكدت السلطات منع حوالي 40 ألف شخص من عبور إيفروس منذ بداية العام الجاري وحتى شهر نيسان/أبريل الماضي.
وبحسب تصريحات وزير الحماية المدنية تاكيس ثيودوريكاكوس، في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2022، "منعت شرطة الحدود" حوالي 40 ألف مهاجر "دخول البلاد بشكل غير قانوني". تشديد الرقابة على الحدود وازدادت خلال الأسابيع الأخيرة بشكل خاص محاولات عبور الحدود البرية، لا سيما وأن مستوى مياه نهر إيفروس في هذا الوقت من العام ينخفض إلى حد كبير، ما يسهّل عملية العبور.
وبات المهاجرون يعتمدون على هذه الطريق لتجنب الرقابة المتشددة على جزر بحر إيجه، لا سيما مع التقارير المستمرة حول اعتراض خفر السواحل اليوناني قوارب المهاجرين وإعادتها قسرا إلى المياه التركية.
كما تتوالى أخبار المهاجرين العالقين على جزر صغيرة في نهر إيفروس الممتد على طول 200 كم بين البلدين، إذ تشير المنظمات الإنسانية إلى أن السلطات اليونانية باتت تصد المهاجرين بشكل "منهجي" على الحدود البرية، وتدفع الأشخاص بقوارب صغيرة، لكنها ومن أجل تجنب دخول المياه التركية، فهي تتركهم على جزر تتوسط النهر، ما يجبر المهاجرين عAلى البقاء لأيام دون أي دعم.
في مقابلة سابقة مع مهاجرنيوز، قالت إحدى أعضاء شبكة مراقبة العنف عبر الحدود (BVMN) التي تتحفظ عن ذكر اسمها، "أثناء عبور الحدود مع تركيا، يتعرض الأشخاص لشتى أنواع العنف الجسدي، وغالبا ما تمنعهم السلطات اليونانية من إكمال طريقهم وتجبرهم على العودة إلى تركيا". في بعض الحالات يتدخل حرس الحدود التركي من أجل إنقاذ المهاجرين وإرجاعهم إلى الضفة التركية.
ونظرا إلى ظروف العبور الخطرة، والأيام الطويلة التي يتوجب على المهاجرين إمضائها مشيا في الغابات للابتعاد عن الحدود وضمان الحصول على فرصة لتقديم اللجوء، يتعرض البعض لحوادث تودي بحياتهم. ففي العام 2021، أكد الطبيب اليوناني الشرعي بافليس بافليديس لمهاجرنيوز أن 51 مهاجرا فقدوا حياتهم في منطقة إيفروس. وتحدث أغلب حالات الوفاة، إما بسبب الغرق في النهر، أو بسبب تعرض الأشخاص لانخفاض حاد في درجة حرارتهم.
وحذرت اليونان مؤخرا من أنها لن تسمح بالدخول غير القانوني للمهاجرين عن طريق البر أو البحر بعد الزيادة الحادة في محاولات الدخول عبر جزر بحر إيجة والحدود البرية مع تركيا خلال الأسابيع الماضية. إذ أفاد مصدر من وزارة الهجرة، بأن تدفق المهاجرين في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام ازداد بنسبة 30% تقريبا عن الفترة نفسها من العام الماضي.
أكدت أثينا الإثنين الماضي أنها رصدت تسعة قوارب كانت تحمل 600 مهاجر غادروا السواحل التركية، فاستخدم خفر السواحل اليوناني "إشارات مرئية وصوتية" لمنعها من المرور عبر المياه اليونانية. وأعلنت السلطات أن "البعض عاد أدراجه، واعترض خفر السواحل التركي البعض الآخر". وتعد هذه أكبر محاولة عبور سجلت هذا العام.
تأتي التطورات الجديدة في ظل التوتر المتزايد بين البلدين على خلفية الخطاب الذي أدلى به رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس في الكونغرس الأمريكي بشأن منح الولايات المتحدة المقاتلات "أف16" لتركيا، والاتهامات التركية لأثينا بتسليح جزر بحر إيجه. ولطالما استخدم ملف الهجرة كورقة ضغط، لا سيما في العام 2020، حين أعلن أردوغان فتح حدود بلاده المشتركة أمام المهاجرين، الأمر الذي أدى إلى تجمع عشرات آلاف الأشخاص على تلك الحدود آملين بدخول أراضي الاتحاد الأوروبي.هولندا اليوم - الموقع الرسمي